کد مطلب:163906 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:134

کربلاء نهایة الظالمین...
حسب الرؤیة الاسلامیة تنتهی المجتمعات البشریة، وتفنی الحضارات الانسانیة بسبب انحرافها عن الحق واختیارها طریق الباطل، ولكن الحق لیس شیئاً واحداً، فكل سنة الهیة، وكل فطرة خلقها الله حق، وكل قانون طبیعی سنة، وكل ما أجراه الله علی الكون حق، فاذا انحرف الانسان عن القانون الالهی دمر حیاته بیده عاجلاً أو آجلاً.

قد یكون الانحراف عن طریق الحق حسب المصطلحات الحدیثة انحرافاً عسكریاً، فبدلاً من أن تكون السلطة السیاسیة الحاكمة علی الناس منبعثة عن إرادتهم الحرة والواعیة، وعن سنن الحق الحاكمة فی الكون ومن رسالات السماء، بدلاً من أن تكون كذلك تكون السلطة محكومة بأید عسكریة لا تعرف إلا منطق القوة والارهاب.

وقد یكون الانحراف انحرافاً اقتصادیاً متجهاً الی الاستغلال والاستثمار، وتكون السلطة السیاسیة آنئذٍ سلطة المستثمرین والمستغلین، سواء منهم الاقطاعیون أو الرأسمالیون، أو ما أشبه، وقد تنحرف السلطة السیاسیة عن الحق لتتجه الی قیام العنصریة المقیتة.

كما قد تنحرف السلطة السیاسیة باتجاه آخر هو الاتجاه الاقتصادی الذی یدعوا الی الترف والتبذیر، أو قد تنحرف السلطة السیاسیة باتجاه آخر نحو تحكیم سلطة المفسدین فی الارض الذی یضلون الناس عبر الكهنة والاحبار المنحرفین وهذه الاخیرة، هی السلطة السیاسیة المعروفة فی علم السیاسة الیوم بالسلطة [التیوقراطیة] والتی تختلف جذریاً عن القانون الاسلامی فی السیاسة شكلاً ومضموناً، إن هذه الانحراف بشتی أنواعها تؤدی بالمجتمعات الی الانهیار وقد أدت فعلاً هذه الانحرافات بالحضارات الماضیة الی الفناء والدمار حسبما یقص علینا كتاب الله المجید. القرآن الكریم یحدثنا عن أقوام عاد وفرعون وثمود وأصحاب الایكة وقوم نوح، ولك واحدة من هذه الحضارات البائدة یضرب الله بها مثلاً نموذجیاً لنوع محدد من الانحراف عن الحق، ففرعون وقومه المتسلطون علی شعب مصر كانوا منحرفین عنصریاً. وجاء فی كتاب الله قوله تعالی:

«ان فرعون علا فی الأرض وجعل أهلها شیعاً یستضعف طائفة منهم یذبح أبناءهم ویستحیی نساءهم انه كان من المفسدین» (4/القصص).

وكانت طائفة بنی اسرائیل، حیث كان كل نسل بنی اسرائیل یهان فی مصر سواء كان موالیاً للسلطة أو مخالفاً لها، صادقاً كان أم كاذباً، صالحاً أو فاسداً!

فالفكر القبطی كان یعتقد ان الدم القبطی أفضل من الدم الاسرائیلی، وهذا لم یكن جدیداً ولا بدعاً فی ذلك العصر ولا فی هذا العصر، إذ اننا لا نزال نجد انحرافات عنصریة قائمة فی الولایات المتحدة الامریكیة، وصنیعتها فی جنوب افریقا، وربیبتها اسرائیل، بل فی كثیر من دول العالم، حتی وان سمیت هذه الانحرافات العنصریة باسم أو بآخر، وقانون المشیخة والامارة الموروثة هو نوع من العنصریة المقیتة.

أما قوم نوح فقد كانوا طبقتین، ولم یكونوا عنصرین بالمصطلح المفهوم للكلمة، وإنما كانوا طبقتین یعتقدون بأن [الأراذل] اذا تبعوا اماماً وقائداً فلابد أن لا یتبعه [الأكابر] وحسب تعبیر المستكبرون قالوا:

أنتبعك؟

أنؤمن بك!

«قد اتبعك الأرذلون».

أی أن الارذلین اذا اتبعوا أحداً فلا-یحق لنا أن نتبعه، لان هذا نبیهم، ان هذا أیضاً كان فی عصر النبی (ص) حیث كان القریشیون یعتقدون بأن أتباع المستضعفین والاغنیاء معاً، هكذا كانت الفوارق حادة فی المجتمع المكی.

ولم یكونوا یصدقون بأن شخصاً كأبی ذر ینتمی الی قبیلة بدویة فی الصحراء هی قبیلة غفار یمكن أی یتساوی مع أبی سفیان، الی درجة ان شخصاً یعتبر عبد مستخدم یشتری ویباع كبلال الحبشی یجب أن یتساوی مع كبار قومهم.